أفادت دراسات تاريخ التعليم أن التعلم الذاتي والحياتي واكتساب المهارة والخبرة ميل فطري نمى لدي الإنسان بنمو وظائفه في الحياة ونموالاسرة وتزايد الحاجة الإنسانية و مع تطور حياة الإنسان ونشأة التجمعات والقرى والمدن إلا أن التعليم ظل جهداً ذاتيا في البيت والحقل حتى نشات الدولة ثم ظهر التعليم شبه النظامي ثم تطور , وفي في كل العصور لم يتوقف التعليم المنزلي لأنه نشا مع حاجة الإنسان ومع خصوصيتة هكذا كان التعليم المنزلي بداية كل انطلاقة في كل عصور و عهود الانبياء والصالحين وأجيال العلماء الموسوعيين كأئمة الفقه والفكر والعلوم الطبيعية في عصورإزدهار الدولة الإسلامية وكذلك مشاهير العلماء والقادة في كل عصور الإزدهار الإنساني وذلك تفصيله في سير وتاريخ العلماء وقصة الحضارة والنهضة وقد تلازم انتشار التعليم المنزلي مع حركة النهضة في الشرق والغرب وحديثاً تلازم التعليم المنزلي مع الحركة الثقافية والاجتماعية وهذا ما ذكره ميشال ستيفن، بأن ظاهرة التعليم المنزلي في الستينات و السبعينات توائمت مع حركتين إحداهما اجتماعية و الأخرى ثقافية.
1- الحركة الاجتماعية :
تتركز في الحركة التربوية المعاصرة و الأفكارالتجديدية التي استحدثها بعض التربويين أمثال جودمان وإيلتش و ريمر و هولت و موور و آخرون .
فقد أكد بول جودمان الناقد الاجتماعي الأمريكي ، في كتابة ” سوء التعليم الإلزامي ” في عام 1961م، على فشل هذا التعليم و تساءل قائلاً : ما دامت المدارس الإلزامية لا تحقق فائدة وراء التعليم الإلزامي فلماذا يصر الأباء عليها ؟، و تتلخص آراء جودمان في أن الناس يتعلمون ما يريدون تعلمه خلال الحياة الواقعية و أن تعلم المهن و الحرف يتم عن طريق ممارستها ، أما المدارس فتعلم معرفة ميتة ومنفصلة عن الواقع ، ، فكان جودمان ضعيف الثقة بالمؤسسات التعليمية الإلزامية وهذا ما جعله يؤيد فكرة اللامدرسية.
فقد ظهرت حركة اللامدرسية في ذلك الوقت الذي بدأت فيه حركة التعليم المنزلي المعاصرة تنتعش و كانت حركة الامدرسية موازية لحركة التعليم المنزلي ، و من أهم و أشهر اللامدرسيين هما إيفان إيلتيش ،و ايفريت ريمر ، و هما لامدرسيين باعترافيهما ، و قد كتبا الكثير حول هذا الموضوع ،
ولدت فكرة اللامدرسية في أمريكا اللاتينية ، تنبه ريمر بأن المدارس و الجامعات فوضع وكأنهم حراس على أبواب مجتمعات طبقية وعنصرية و أن التعليم الإلزامي والرسمي حقيقته عملية سيطرة حضارية
و في المكسيك تنبه إيلتش إلى اللامدرسية عن طريق تفقد أوضاع الكاثولوكية ، و يرجع مصطلح ” UnSchooling “ اللامدرسية إلى إيفان إيلتش ، الذي استخدمه في مقالاته ، ثم جعله عنواناً لكتابه الشهير ” مجتمع بلا مدارس” الذي اصدره سنة 1971 ، و في نفس الوقت نشر أيفريست ريمر كتابه ” ماتت المدارس ” .
ويرى كثير من المتخصصين أن أفكار ريمر و إيلتش مهدت الطريق لحركة التعليم المنزلي بل و ساندتها في فترة الستينات و السبعينات .
أما جون جولت الذي قاد هجوماً شرساً على المدارس العامة ودعا إلى اللامركزية في المدارس العامة و طالب بأحقية الآباء والاسرفي الاستقلال عن المؤسسات التعليمة
كما انتقد هولت طبيعة التدريس الإلزامي ، و في كتابة الذي أثار جدلاً كبيراً ” المدرسة غير الناجحة ” ( 1970م ) ، وفي هذا الكتاب يذكر أن المدرسة هي درس طويل في كيفية التحول إلي إنسان منغلق ،
و في عام ( 1976 ) يذكر هولت أن التعليم الإلزامي هو أكثر الابتكارات البشرية استبداداً و تدميراً للعقول و يدعو إلى تحويل المجتمع كله إلى ميدان خصب للتعلم . و استخدام أساليب تخدم أعداداً أكبر من الناس بنفقات أقل و التركيز على إبداع الإنسان و قدراته الحقيقية .
وفي كتابات هولت التي أظهرت إعتناقه لفلسفة الحرية في التعليم والتي أطلق عليها بعد ذلك (التعليم المنزلي )، حيث أصدر كتابيين في عام ( 1964 ) ” كيف يفشل الأطفال ” و الآخر في عام ( 1982 ) ” كيف يتعلم الأطفال ” و أصدر أيضاً مجلة نصف شهرية بعنوان ” النمو بلا تدريس ” ، فكانت لهذه الأدبيات الدور الداعم لهذه الحركة في فترة الستينات و السبعينات ،
وأكدت هذه الأدبيات وغيرها من أدبيات التراث التربوي الإسلامي أن المنزل هو القاعدة الأساسية لنمو الطفل في العالم وليس قصد هولت هنا أفضلية المنزل على المدرسة و لكن يطالب بنفي وجود المدارس على الإطلاق ويشير أيضاً أن بيئة المنزل ليست بيئة مصطنعة ، و إنما المنزل الحي (ويقصد به المتفاعل ) ويقصد أن يكون المنزل مؤسسة تدعم كل المؤسسات الإنسانية الأخرى .
وظل ينادي في كتاباته (ماذا أفعل يوم الإثنين؟ ) و( الهروب من الطفولة ) و(الحرية و ما بعدها ) بحرية الأطفال في التعليم وأن نعطي الأطفال الوقت الكافي للتعلم و نتركهم يصححون أخطائهم بأنفسهم ، و نقوم بدعمهم إذا هم استعانوا بنا ،و نحث الأطفال علي الخيال ونرشد تدخل الخبرة العاطفية في عملية التعلم .
في هذه الأثناء ، ظهرت جهود ” ريموند موور ” التربوية و التي أيضاً دعمت الحركة ،فقد دعا ريموند موور إلي أن المجتمع لن ينهض لأن الآباء والعائلات أسندت مسئولية التعليم للدولة ، و أكد أيضاً علي مدى أهمية القيم العائلية بالنسبة للأفراد بل بالنسبة للمجتمع بأكمله و حتمية المشاركة بين الأسرة و المجتمع ، و أشار بأن الوحدة العائلية القوية هي حجر الزاوية للحضارة المستمرة .
2- الحركة الثقافية :
تضم هذه الحركة المنظمات و المؤسسات و الهيئات والكيانات ذات المرجعية الدينية المسيحية والإسلامية ، و ممن لديهم قناعات دينية وثوابت أخلاقية ، بالإضافة إلى ما لديهم من اتجاهات سلبية تجاه المدارس العامة باعتبارها تروج مع العلوم الإنسانية النزعة الادينية وتعمد إغفال النواحي الدينية و قيم الحياة العائلية
و انضم إلى هذه الحركة مجموعات مسيحية و تيارات سياسية وكيانات وجدوا أنفسهم في خلاف جوهري مع مؤسسات التعليم التي دعموها من قبل ، فلجئوا للتعليم المنزلي.
هذا بالإضافة إلى تواجد موجة ثالثة من التجمعات التي تمتلك أيدلوجيات قوية وترى أنه ليس من الحق و العدالة ترك مسئولية تعليم أطفالهم لأشخاص غير مؤهلين و هذه الموجة هم الدعامة القوية الفعالة لحركة التعليم المنزلي و كما أكدت ” ليمان ( 1998 ) ” بأن حركة التعليم المنزلي المعاصرة تتضمن مجموعة كبيرة من مختلف الأيدلوجيات
لذا بات واضحاً أن حركة التعليم المنزلي المعاصرة ، تعكس التغيرات السياسية و التربوية والاجتماعية التي حدثت خلال العقديين الماضيين و التي أثيرت من قبل مجموعة من االمفكرين والكتاب و الأيدلوجيين و التربويين كرد فعل للتغييرات الحادثة، ليصبح التعليم المنزلي مطلب اجتماعي تربوي وحركة اجتماعية تعليمية
وحالياً أصبح التعليم المنزلي واقعاً مطبقاً في كثير من الدول المتقدمة (كما ذكرنا من قبل ) مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يدرس أكثر من ثلاثة ملايين طفل في منازلهم. وحسب دراسة لمجلة “المعرفة” الصادرة عن وزارة التربية والتعليم السعودية (كانون الأول (ديسمبر) 2005)، فإن ظاهرة (التعليم المنزلي) تنمو بسرعة كبيرة. كما أن الرأي العام الأميركي المؤيد للظاهرة تزايد من 16 % في الثمانينيات من القرن الماضي، إلى 73 % . كما انتشرت هذه الظاهرة في دول أخرى متقدمة، مثل كندا واليابان واستراليا ونيوزيلندا وكندا وإنجلترا ودول أوروبية واسيوية وأفريقية أخرى
ومن الطريف أن ظاهرة التعليم المنزلي حينما بدأت في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية كانت بسبب تعليم الأبناء القيم الليبرالية التي كانت مفتقدة في المدارس العامة.وبانتشار الظاهرة انضمت إليهم مجموعات أخرى كثيرة غير مؤمنة بالتعليم النظامي، أو تجده غير كاف أو غير كفؤ، أو لأسباب معيشية واقتصادية. وقد أبدى 42 % من عينة دراسية في فلوريدا أن بيئة المدارس العامة لم تعد ملائمة للتعليم، في حين تراها نسب أخرى غير ملائمة ثقافيا أو تعليميا.
والتعليم المنزلي، حسب دراسات كندية، يقوي الروابط الأسرية، ويمنح الأسر المزيد من المعرفة عن أبنائها. كما يساعد الأسر في مواجهة القيم وأنماط السلوك السلبية والضارة، ويحمي الأبناء من الاستقواء والتنمر السائد في المدارس، وفي أحيان كثيرة من التمييز والإساءات المباشرة. وترى بعض الأسر أن التعليم هو مسؤوليتها المباشرة وليس مسؤولية الدولة، وترفض تدخلها في تعليم أبنائها. وبالطبع، فإن لدينا أسبابا أخرى كثيرة مباشرة، منها عدم وجود مدارس كافية، وازدحام الصفوف المدرسية، وخلو المدارس من المرافق الأساسية والمصادر والتقنية الضرورية بالإضافة الى صعوبة المواصلات، وغيرها
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!