كي نستقبل عالم….ما بعد كورونا

بإذن الله تعالي ستمضي هذه الغمة (عساه قريباً ) وسيولد عالماً جديداً بعد أن حصدت البشرية ويلات مازرعت وعاينت جبرت فيروس ضعيف فرض عليها الحصار والحرمان والكساد والقهر رغم ترسانات الأسلحة المدمرة والإمكانات التكنولوجية الفائقة والارصدة والعلاقات والنفوذ والمباني المبهرة والإعلام المهيمن

وهكذا تمضي سنن الله في خلقه وتظهر حقيقة العوار والعجز البشري وتناقضات عالم التريليونات وعالم النفايات وموت الضعفاء وحماية الأقوياء  أمام فيروس  كوفيد19 وتتجلي حقيقة قوة الأقدار في تغيير المعادلات وإعادة الإبصار في آيات الله المرئية والمقروئه (حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزخرف:24]

بإذن الله تعالي ستمضي هذه الغمة (عساه قريباً ) فالله لم يخلق شراً  قط وجعل مع كل عسرٍ يسرين، فهكذا يقيننا وتوكلنا على الله وهكذا علمتنا الجائحات الماضيات عبر تاريخنا البشري فكل جائحة يأتي بعدها عصر جديد وتغيرات  أخلاقية وفكرية وأيدلوجية  وجوسياسية

فقد إجتاح الطاعون روما سنة 165م ثم قارة أوروبا وشمال أفريقيا ووسط وغرب أسيا فأضعف  الكيان العسكري والديني للدولة الرومانية حتى أسقطها

ثم إجتاح الطاعون الدولة البيزنطية  في عصر جستنيان 541م  وكذلك الدولة الفارسية  قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بحوالي ثلاثين سنة  وتسبب في ضعفهما وسقوطهما وميلاد الدولة الإسلامية

ثم أجتاح فلسطين طاعون عمواس 630م وكان أشد من سابقه فقتل أكثر من  نصف سكان المنطقة

ثم أجتاح أوروبا سنة  800م  موجه أخرى من الطاعون وترك أثراً بالغاً ثم إجتاح  العالم الطاعون الأسود عام 1348 م الذي حصد 40 %  أي مائتي ألف من سكان العالم (أغلبهم من الفقراء ) وكانت جنازات الأموات في القاهرة في اليوم الواحد  عشرين ألف جنازة وأنهي هذا الطاعون منظومة  نبلاء وبابوات العصور الوسطى  وبداية عصور النهضة والرقي والأزدهار الحضاري الإسلامي إبان القرن الرابع  عشر فكان ذلك عقب الطاعون الأسود أو الطاعون الكبير ثم تبدلت الأحوال وغلبت الصراعات حتى إجتاح العالم وباء H1N1 أو الأنفلونزا الاسبانية  لمدة عامين من 1918م الى  1920 م بعد الحرب الأولى  (التي أنتشر خلالها الطاعون ) وقد أصاب هذا الفيروس أكثر من 500 مليون إنسان و حصد أرواح أكثر من 100 مليون إنسان فكان بعدها سقوط الخلافة وتقسيم العالم الاسلامي والعربي ثم تحور هذا الفيروس وأعاد إنتاج ذاته  في 2009م باسم انفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور وما زامنه من مشكلات وكساد وانهيار بعض اقتصاديات دول حتى جاء فيروس  هانتا وفيروس كورونا كوفيد19 وهو الجيل السادس الذي ليس له علاج إلى الآن وقد وضع جميع دول وشعوب العالم في حالة حصار وتعطل عجلة الحياة بالكامل  وتساوت فيه الأفراد والشعوب والجماعات  فالكل اصبح مسجون  ومحاصر ومسلوب الحرية ومقيد الإرادة  ومنتظر الموت مما تسبب في خسائر تفوق أي تصور وتنذر بإفلاس  وسقوط تام لكيانات ومشروعات وأنظمة ودول

ويتوقع الخبراء إنهيارات إقتصادية أشد من الكساد العظيم 1929 م وأزمة 2008  م

وتحول ثقل القيادة الاقتصادية  عن أمريكا وأوروبا  إلى أسيا (الصين وعودة الروح لبعض النمور الاسيوية وتركيا ) وخروج آخرين عن الحلبة

وتراجع  الإتجاهات  المادية  والوجودية لصالح الغيبيات  والتدين العام والخطاب الأخلاقي والاتجاه الحتمي لتطوير الخطاب الديني اليهودي والمسيحي والإسلامي  وفكرة العدالة والحياة الكريمة

وإعادة تقييم  العلاقات والتحالفات وسحق الوكلاء وإدارة الصراعات في ضوء التحولات الجديدة

وبدء تحولات وتغيرات في كيانات  ومنظمات دولية وإقليمية

وتصويب الخطاب الإنساني  ليعلوا فوق المصالح والأيدلوجيات وطرح فكرة الإنسانية والتعايش  والحياة

تنامي ضغوط لكشف عمليات وثروات غير شريفة لدول وكيانات ورموز

بلورة فكرة صراع الحضارات

د. مجدي هلال  26 / 3/ 2020

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *