بإذن الله تعالي ستمضي هذه الغمة (عساه قريباً ) وسيتخلص العالم من إرث أخلاقي بغيض مقيت أضاع البلاد والعباد  هكذا علمتنا الجائحات الماضيات عبر تاريخنا البشري فكل جائحة تأتي بعدها تغيرات  أخلاقية وجلاء لمعادن الناس وأفكارهم وإليك أيها القارىء الكريم  مثالين  أحدهما قديم والآخر حديثاً

فقديماً إجتاح الطاعون الدولة الرومانية سنة 165م (في عهد ماركوس أوريليوس161م الى 180م) وهي الدولة القائمة على قوة وبطش الفرسان وخياناتهم وتصفيه المعارضين بإلقائهم للسباع واضطهاد التدين (المسيحي ) والزنا والفجور فكانت هذه  مقولته  بعد إجتياح الطاعون :

( لقد خلقنا من اجل أن نتعاون كما هو حال الأقدام والأيدي والأجفان. . . فان يعمل بعضنا ضد بعضنا الآخر لهو مخالفة للطبيعة ) ثم وضع مؤلفاً ضخماً باللغة اليونانية من 12 كتاباً بالمفاهيم الاخلاقية عرف بـ«التأملات»، يعد من أبرز آثار الفكر  الرواقي، ويعرض فيه ايمانه بأن الحياة السوية تفضي إلى السكينة والطمأنينة، ويشدد على فضائل الحكمة والعدالة والاعتدال

وحديثاً  عام 2009 وفي ظروف عالمية سادها التوحش المادي والهمجية والإستبداد والإنحطاط  الذي أنتج الجهل والفقروالقهر  إجتاح العالم فيروس H1N1 أو الأنفلونزا المطور وأنشغل الناس بتداعياته الإقتصادية ولم يخطر في أذهانهم (ولم يتعلموا من التاريخ ) أن الأفكار والمفاهيم قد تغيرت  والمطالب بالحرية والعدالة والكرامة وغيره قد تصاعدت حتى أثمرت بما يعرف في منطقتنا بالربيع العربي

وها نحن نعيش جائحة فيروس كورونا كوفيد19 وهانتا في ظروف لا تختلف كثيراً عما سبق غير أن حاجة العالم لمنظومة القيم الإنسانية ونمذجتها الإسلامية  حاجة  ضرورية وأكثر إلحاحاً الأمر الذي يقتضي من العاقلين تقديم نماذج لأبرز ثمار حضارة الإسلام وهي نموج لثمرة الإنسان الخلوق

فلم تكن قوة ونفوذ  وازدهار  الحضارة الاسلامية  بسبب ثروتها  أو أزيز طائراتها  وقوة تفجير براميلها ولا دقة وبراعة منظومة تجسسها

إنما كان نفوذ وقوة وثراء وغزارة إنتاج حضارة الاسلام  نابعاً من  رقي وروعة  نظامها الأخلاقي القائم على العدالة  والحرية  والرحمة والأخوة  الإنسانية والمتجسد في نموذج  المسلم الخلوق

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *