أزمة الزواج

 جيلنا  عاش الزواج عبادة  وِفطرة ويسر وبركة وصلاح وإصلاح وتعامل مع الحياة ومع النفس  بطبيعتها وقوانينها في سياق أخلاقي إيماني  فوجد عوناً وبركة وسعادة ساعة وساعة كشأن أي شيء في الحياة ، فهمنا ذلك وتعلمناه ، لم يكن لدينا فورة الإرشاد والتدريب والتربية وآفاق الأماني الممزوجة برداءة وأوهام  الميديا ولكن كان أغلبنا يوفق في انتقاء مستشاره  عند الضرورة القصوى أذكر من أربعين عاماً استشار صديق شيخاً مشهوراً فأشار عليه أن يطلق زوجته واستشار صديق  آخر خبيراً (مجهولاً ) فاشار عليه أن يطلق زوجته  أيضاً واستشار صديق ثالث وطلب من أغلب مَنْ يعرفه أن يساعدوه في العثور على شريكة  حياة (عروسه  )  ولم يوفق  ولم يتزوج حتى  سن الخمسين ثم مات عزباً والإثنان أمتعضا ولم يستجيبا

للناصحين  ومرت سنوات فالأول عاش سعيداً وأنجب وسار جداً والثاني لاقى ما لاقي ثم ردخ وطلق وتزوج أخرى وعاش سعيداً والفرق بين الحالتين الأولى والثانية  رغم أن  النصيحة كانت واحدة وهي الطلاق أن الأول كان فقيهاً عالماً والآخر كان خبيراً تربوياً (وإن كان مجهولاً ) ليس هذا فقط بل الأكثر اعتباراً هو ما يحمله الإنسان من رؤية أو صورة ذهنية عن العلاقات  الزوجية والطبيعة الإنسانية  و مجموعة القيم المهيمنة على فكر وسلوك الزوجين وبيئتهما التربوية والاجتماعية والثقافية فالحالة الأولى (التي وفقت ) كان يغلب عليها قيم إيمانية وأخلاقية  والحالة الثانية ( التي فشلت وطُلِقت ) كان يغلب عليها قيم برجماتية نفعية مظهرية استحواذية  والحالة الثالثة رحمه الله أمضى عمراً وأفضى الى  ما أفضى إليه واليوم لدينا أزمة حقيقية توشك أن تتحول إلى كارثة إجتماعية  أخلاقية وتداعيات اقتصادية وتشريعية

فلدينا ملايين الشباب والشابات لم يتزوجوا  ولدينا ملايين من حالات  الفشل والانفصال  ولدينا ملايين من حالات التعثر والخلافات  الزوجية  ولدينا ايضا مئات الآلاف من مواقع ومنصات عاملة في مجال التزويج (رغم رداءة وخبث بعضها ) ولدينا آلاف المراكز والمنصات والافراد في مجال  الدعم و الإرشاد …..ومع الاسف لدينا أزمة زواج

فلا  الخاطبة و لا الصالونات  ولا المواقع والمنصات  أغنت وأدت الدور المطلوب ولا مراكز  ومنصات ورموز الدعم والإرشاد  قاموا بدورهم  المطلوب

والواقع (من وجهة نظري المتواضعة ) أن الأزمة تتعلق  بمنظومة القيم الُاسرية والإجتماعية فقد  تجاوزت النصوص الشرعية والشعارات والعبارات الإجمالية  والتي يراها البعض تخديرية (إن صح التعبير ) فالأزمة  تحتاج  بيان لتفاصيل وتطبيقات  منظومة القيم والمعتقدات بتجرد بعيداً عن التجارب  والرؤى الذاتية وتعاون صادق وتوافق بين المهتمين

 والأزمة تحتاج أيضاً الى إجراءات ومبادرات عملية أدعو المهتمين للتفكير  والحوار حولها  لتخفيف حدة  هذه الأزمة واستيعابها كخطوة  واجبة نحو الحل      

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *