ما المقصود باسترخاء الإنسان ؟

نسمع هذا المصطلح كثيراً ، إلا أن القليلين منـا قد أمعنوا النظر في معناه ..

عندما نتساءل عن الاسترخاء ، فغالبيتنا يفكر في العطلات أو التقاعد ، أو عند انتهائك من عمل كان لا بد من عمله .

بالطبع ، ذلك يشير إلى أنه في معظم باقي الأوقات ( نسبة الخمسة والتسعين الأخرى من أوقاتنا ) يجب أن تقضيها وأنت عصبي مستعجل ومهموم . والقليلون جدا هم من يخرجون ويقولون ذلك ، ولكن هذه هي النتيجة الواضحة ، فهل يفسر ذلك تصرف الناس كما لو كانت الحياة عبارة عن حالة طوارئ ملحة ، فغالبيتنا يؤجل الاسترخاء حتى ينتهي من إنجاز كل عمله ، وبطبيعة الحال فهو لا ينتهي مطلقا .

إن من المفيد أن تنظر إلى الاسترخاء على أنه شئ يجب أن يتم بشكل منتظم ، وليس على أنه شئ تؤجله لوقت لاحق . إن بإمكانك أن تسترخي في اللحظة والتو ، وذلك سيساعدك على تذكر أن الأفراد الذين يسترخون يمكن كذلك أن يكونوا من بين الأفراد الذين يحققون إنجازات خارقة ، وفي واقع الأمر ، فإن الاسترخاء والإبداع متلازمان .إن الاسترخاء بدرجة أكبر ينطوي على أن تستجيب بشكل مختلف لمأسى الحياة . إن ذلك يأتي جزئيا من تذكير نفسك مرارا وتكرارا ( بحب وصبر ) بأن لك أن تختار الطريقة التي تستجيب بها لمجريات الأمور ، حيث بإمكانك أن تتعلم تفسير تفكيرك وكذلك الظروف المحيطة بك بطرق جديدة ، فإتخـاذ هذه الاختيارات سوف يحولك إلى شخص أكثر استرخاء .

إن عين الإعصار هي ذلك الجزء الذي يوجد في قلبه ، وهي نقطة هادئة وشبه معزولة عما يجاورها من النشاط المحموم ، فكل شئ حولها يكون عنيفا ومضطربا . إلا أن المركز يبقى هادئا ، كم سيكون جميلا لو كنا كذلك هادئين وساكنين في خضم الاضطراب – في عين الإعصار – .

وتخيل وجود المرء في ” عين إعصار بشري ” أسهل بكثير ، وكل ما يتطلبه الأمر هو النية والتدريب على ذلك ، افترض أنك ستذهب الى مكان صاخب ، يمكن أن تخطط لنفسك بأن تكون الشخص الوحيد بالحفل الذي فرض على نفسه بأن يكون مثالا على الهدوء ، وبإمكانك أن تمارس الاسترخاء بالتنفس ، أو التدرب على الإصغاء إلى الغير ، بإمكانك أن تفعل ذلك لو صممت عليه .

إن بدء ممارسة هذه الإستراتيجية في مناسبات عامة كالاجتماعات الكبيرة ، والحفلات ، سوف يحقق لك بعض الإنجازات ويجعلك تستمتع بالنجاح ، وستلاحظ أن وجودك في عين الإعصار ، سيعد من باب التركيز على الوقت الحاضر ، وسوف تستمتع أكثر من ذي قبل ، وبمجرد تمكنك من ممارسة هذه الإستراتيجية في مثل تلك الظروف ، سيكون عندئذ بمقدورك ممارستها في جوانب أصعب للحياة مثل التعامل مع الأزمات ، المعاناة ، أو الحزن ، وإذا بدأت ممارسة ذلك بتمهل فهو تحقيق بعض النجاح ، وبالاستمرار في التمرين عاجلا جدا ستتعلم كيفية العيش في عين الإعصار

استرخ ….

إن ذروة الأداء تتحقق بالمشاركة بين الذهن والجسم والاسترخاء البدني مرتبط ولاشك بالحالة الذهنية ، فالاسترخاء يساعدك على الانتقال من حالة المشاكل الملحة ، فالعقل المنشغل هو الذي يدير المشكلة عدة مرات ومن عدة زوايا ، وتبدو له مستعصية على الحل . وتتعقد شيئا فشيئا . وكثير من أمثلة التفكير الإبداعي تحدث عندما يكون الناس قانعين بأنفسهم ومسترخين بدنيا .

فقد كان اينشتين راقدا على كومة من العشب الجاف عندما تخيل أنه يقوم برحلة فضائية يركب فيها على شعاع الضوء . وكان بين النوم واليقظة عندما حلم بحيوانات تشبه الثعابين يطارد بعضها ذيول بعض ، وقد أسفر هذا عن اكتشاف حلقة بنزين .

إذن الاسترخاء أحد الظروف المواتية للإبداع .

ومهارة الاسترخاء مهارة يسهل تعلمها وتحسينها باستمرار . كلما كرست وقتا كافيا للإسترخاء ، وتمكنت من السيطرة على حالتك الذهنية

، كلما أحسنت استغلال طاقاتك الإبداعية

الاسترخاء علاج نفسي ..

يعتبر الاسترخاء ( relaxation) واحد من أهم الأساليب المضادة للتوتر والقلق.. وهناك عدد من أساليب الاسترخاء التي عرفتها معظم الشعوب منذ وقت طويل . وتقوم أساليب الاسترخاء الحديثة على جملة من التمارين والتدريبات البسيطة التي تهدف إلى إراحة الجسم والنفس وذلك عن طريق التنفس العميق وتمرين الجسم كله على الارتخاء وزوال الشد العضلي .

والحقيقة أن هناك عدة طرق وأشكال مختلفة للوصول إلى الاسترخاء العضلي والنفسي .. ولكنها متشابهة في نتائجها وتأثيرها الإيجابي . وهناك بعض الأجهزة الحديثة ( biofeedback instruments) ( الأجهزة العاكسة للوظائف الحيوية ) والتي تعكس وظائف الجسم المختلفة مثل : درجة الشد والتوتر العضلي في عضلات الجبهة والراس أو الكتف او الظهر او الساعدين أو غيرها من العضلات ، وأيضاً درجة الحرارة المحيطية في أصابع اليدين او القدمين حيث تزداد برودة اليدين في حالة التوتر والقلق .. وتزداد حرارتها مع الراحة والاسترخاء ، إضافة لعدد من الوظائف الأخرى مثل دقات القلب والضغط والتعرق .

ويمكننا القول أن القلق والتوتر بمختلف الدرجات والأشكال يرتبط مباشرة بتغيرات في عدد من الوظائف الجسمية الحيوية التي سبق ذكرها .. والتدريب على الاسترخاء بكافة أشكاله بواسطة جلسات خاصة مع الأجهزة أو دونها يعطي الإنسان قدرة على التحكم بنفسه ومساعدته نفسه بنفسه بعد انتهاء التدريب إضافة إلى التاثير المباشر والفوري للاسترخاء في الراحة العامة وزوال التوتر .

وهناك عدد من الحالات التي تستفيد من مثل هذه التدريبات والتمرينات والجلسات .. ومنها حالات الشدة والضغط النفسي (stress ) وحالات القلق والتوتر العام والمخاوف والآلام العضلية المتنوعة والحالات الوسواسية واضطرابات الوظيفة الجنسية وغيرها ..

وبالطبع فإن الاسترخاء ليس دواءً شافياً لجميع الأمراض .. ويمكن له أن يكون وسيلة علاجية ناجحة إلى جانب أساليب علاجية أخرى دوائية وغير دوائية سلوكية ومعرفية وتحليلية وغيرها .

وبشكل عام فإننا في العالم الإسلامي نمتلك أحسن أساليب الاسترخاء في الذكر والصلاة .. والعالم الغربي اكتشف منذ فترة ليست بعيدة أهمية الاسترخاء .. واستطاع تطوير بعض البرامج والأساليب الفردية والجماعية والأجهزة .. والتي يتم استخدامها الآن على نطاق واسع كبديل عن العلاج الدوائي في بعض الحالات ، أو كاسلوب مساعد في علاج الاضطرابات النفسية والجسمية

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *